جانب طريف لعباس محمود العقاد
صفحة 1 من اصل 1
جانب طريف لعباس محمود العقاد
المتجهم الظريف
إن من يرى العقاد وهو متجهم في كل صوره يتوقع أنه لم يكن يعرف أن هناك فعلاً اسمه الضحك طيلة حياته وأنه ولد هكذا "مُكشراً" عن أنيابه كما لو كان يتوعد الناظر إليه بشر مستطير، ولكن العقاد كان على النقيض من ذلك تماماً فهو ابن نكتة من الطراز الأول.. وللعقاد مع صديقه المازني طرائف مثيرة غاية الإثارة وقد كان المازني قصير جداً بينما كان العقاد طويلاً ولهذا قال المازني أنهما معا يكونان رقم (10)، أما قفشات العقاد فكانت غاية في الظرف وهكذا شعره.
وهو القائل مؤكداً : أن الضحك مادة ضرورية من مواد الحياة ويقول: إن القدرة على الإضحاك أو انتزاع الضحك عنوة عند اللزوم... هو تكملة لازمة لكل صناعة حتى صناعة التسول. ويسألونه كيف يكون الانسان مضحكاً فيقول:
إذا أردت أن تكون ضاحكاً مرحاً... فالسرور ينبع من السرور والضحك يثير الضحك .. والرجل المرح ينظر إلى الحياة من وجهها المشرق المرح ويحاول أن يفتعل المواقف المرحة ويفتق ذهنه بما عنده من ثروة لغوية.. فهو يتلاعب بالألفاظ والجمل تارة وبالتوريه تارة أخرى ويغوص في بطن المعاني والأفكار وهناك من يغوص بالسلوك المقلوب .. وهذا السلوك المقلوب يأتي عكس ما كنا نتوقع فتصاب بدهشة تُضحكنا. ويفسر العقاد كلمة الضحك فيقول:
- ما الضحك بشيء واحد.. وما نضحك لسبب واحد.. وما نفكر في الضحك على نحو واحد.. إن الضحك كلمة لا غنى عنها. هناك ضحك السرور والرضا، وهناك ضحك السخرية والازدراء، وهناك ضحك المزاح والطرب، وهناك ضحك العجب والإعجاب وهناك ضحك العطف والمودة وهناك ضحك المفاجأة، وهناك ضحك الغرور وضحك البلاهة.
ويواصل القول:
- وربما كان لكل مضحكة من هذه المضحكات ألوان لا تتشابه في جميع الأحوال... فالضاحك المسرور قد يكون سروره زهواً بنفسه واحتقاراً لغيره. وقد يكون سروره فرحاً بغيره لا زهو فيه بالنفس ولا احتقار للآخرين.
والضاحك الساخر قد يضحك من عيوب الناس لأنه يبحث عن تلك العيوب ويستريح إليها ولا يتمنى خلاص أحد منها.. وقد يضحك من تلك العيوب لأنه ينفس عن عاطفة لا يستريح إليها عامة بين إخوانه الآدميين.
ويدعو العقاد إلى الضحك والابتسام في إحدى قصائد ديوانه (وحي الأربعين) الصادر عام 1933 م وهي بعنوان "الحسم الضاحك" يقول فيها:
ثغرك الضاحك، لا بل وجهك
الضاحك، لا بل كل جسمك
لا.. بل الدنيا التي تومض
نوراً حول نجمك
هكذا فليبتسم الباسم
إن شاء كبسمك
أو فينسى البشر حتى
ينقل البشر بلثمك
لا يُلام العابس اليائس
إلا بعد لومك
مواقف طريفة
يحكي العقاد بعض المواقف الطريفة في حياته فيقول:
المتسول:
تعود سائل أن يلقاني في طريقي وكان مسكيناً يبدو عليه التعب والحاجة إلى المعونة وسمعت منه أفانين من شفاعة كل يوم ووجوب الحسنة فيه لسبب يتعلق بحرمة اليوم أو حرمة الأسبوع أو حرمة الشهر. واختلف طريقي عن طريقه أيام الأربعاء والخميس والسبت ولم أبرح المنزل يوم الجمعة كعادتي، ولم أبرحه يوم الأحد إلا لأذهب إلى دار الإذاعة وأعود منها بالسيارة.
ثم صادفني يوماً فاولته نصيبه اليومي المعلوم، فقبض يده محتجاً وقال:
- يا أستاذ.. إنت عليك ستة أيام وهذا شهر رجب الحرام وكانت مفاجأة مضحكة للعابس الظريف الذي جابها من قصيرها وأخرج المبلغ المطلوب مع الفوائد وسأله مداعباً.
- ترى هل تحل الفائدة في شرعك على الأيام الحرام؟
ويرد المتسول رداً في منتهى البلاغة على عملاق الأدب العربي قائلاً:
- يمحق الله الربى ويربي الصدقات
وكاد العقاد أن يموت من الضحك ويروح في صدقه ولكن الله لطف.
الزمن والزمان:
في إحدى جلسات المجمع اللغوي وكان الأعضاء يناقشون الفرق بين الزمن والأبدية قال العقاد: إن الزمن ضد الأبدية لأن الزمن محدود والأبدية غير محدودة.
بينما قال الدكتور منصور فهمي: إن الزمن هو الوقت المحدود أما الزمان فهو الوقت غير المحدود.
فرد العقاد:
- قل لي يا دكتور إن كان الزمن هو الوقت المحدود والزمان هو الوقت غير المحدود فكم تقترح أن نمد حرف الألف الذي يفرق بين الزمن والزمان.
إلحقونا:
من نكته السياسية يروي العقاد أن الاتحاد السوفيتي السابق أحضر مجموعة من الفلاحين ليقول كل منهم كلمة واحدة أمام ميكروفون الإذاعة فوقف أحدهم أمام الميكروفون وصرخ:
- إلحقونا
حتى لا يراك أحد
حكى العقاد أنه كان يوماً في القدس هو والمازني وأحد أفراد أسرة النشاشيي فأطلق عليهم مجهول الرصاص فانبطح العقاد أرضاً بينما أطلق النشاشيي ساقيه للريح وبقي المازني مكانه في شبه هزة أرضية جعلته لا يقدر على الحركة من مكانه فانفجر العقاد في الضحك رغم طلقات الرصاص وبعد هدأ الجو سأله العقاد عن السبب في عدم جريه فقال:
- أنا خفت أجرى .. الراجل يشوفني
فرد العقاد مداعباً:
- عندك حق يا عبده - خير ما فعلت علشان إنت لما بتكون واقف ما حدش بيشوفك (نظراً لقصر قامته).
إن من يرى العقاد وهو متجهم في كل صوره يتوقع أنه لم يكن يعرف أن هناك فعلاً اسمه الضحك طيلة حياته وأنه ولد هكذا "مُكشراً" عن أنيابه كما لو كان يتوعد الناظر إليه بشر مستطير، ولكن العقاد كان على النقيض من ذلك تماماً فهو ابن نكتة من الطراز الأول.. وللعقاد مع صديقه المازني طرائف مثيرة غاية الإثارة وقد كان المازني قصير جداً بينما كان العقاد طويلاً ولهذا قال المازني أنهما معا يكونان رقم (10)، أما قفشات العقاد فكانت غاية في الظرف وهكذا شعره.
وهو القائل مؤكداً : أن الضحك مادة ضرورية من مواد الحياة ويقول: إن القدرة على الإضحاك أو انتزاع الضحك عنوة عند اللزوم... هو تكملة لازمة لكل صناعة حتى صناعة التسول. ويسألونه كيف يكون الانسان مضحكاً فيقول:
إذا أردت أن تكون ضاحكاً مرحاً... فالسرور ينبع من السرور والضحك يثير الضحك .. والرجل المرح ينظر إلى الحياة من وجهها المشرق المرح ويحاول أن يفتعل المواقف المرحة ويفتق ذهنه بما عنده من ثروة لغوية.. فهو يتلاعب بالألفاظ والجمل تارة وبالتوريه تارة أخرى ويغوص في بطن المعاني والأفكار وهناك من يغوص بالسلوك المقلوب .. وهذا السلوك المقلوب يأتي عكس ما كنا نتوقع فتصاب بدهشة تُضحكنا. ويفسر العقاد كلمة الضحك فيقول:
- ما الضحك بشيء واحد.. وما نضحك لسبب واحد.. وما نفكر في الضحك على نحو واحد.. إن الضحك كلمة لا غنى عنها. هناك ضحك السرور والرضا، وهناك ضحك السخرية والازدراء، وهناك ضحك المزاح والطرب، وهناك ضحك العجب والإعجاب وهناك ضحك العطف والمودة وهناك ضحك المفاجأة، وهناك ضحك الغرور وضحك البلاهة.
ويواصل القول:
- وربما كان لكل مضحكة من هذه المضحكات ألوان لا تتشابه في جميع الأحوال... فالضاحك المسرور قد يكون سروره زهواً بنفسه واحتقاراً لغيره. وقد يكون سروره فرحاً بغيره لا زهو فيه بالنفس ولا احتقار للآخرين.
والضاحك الساخر قد يضحك من عيوب الناس لأنه يبحث عن تلك العيوب ويستريح إليها ولا يتمنى خلاص أحد منها.. وقد يضحك من تلك العيوب لأنه ينفس عن عاطفة لا يستريح إليها عامة بين إخوانه الآدميين.
ويدعو العقاد إلى الضحك والابتسام في إحدى قصائد ديوانه (وحي الأربعين) الصادر عام 1933 م وهي بعنوان "الحسم الضاحك" يقول فيها:
ثغرك الضاحك، لا بل وجهك
الضاحك، لا بل كل جسمك
لا.. بل الدنيا التي تومض
نوراً حول نجمك
هكذا فليبتسم الباسم
إن شاء كبسمك
أو فينسى البشر حتى
ينقل البشر بلثمك
لا يُلام العابس اليائس
إلا بعد لومك
مواقف طريفة
يحكي العقاد بعض المواقف الطريفة في حياته فيقول:
المتسول:
تعود سائل أن يلقاني في طريقي وكان مسكيناً يبدو عليه التعب والحاجة إلى المعونة وسمعت منه أفانين من شفاعة كل يوم ووجوب الحسنة فيه لسبب يتعلق بحرمة اليوم أو حرمة الأسبوع أو حرمة الشهر. واختلف طريقي عن طريقه أيام الأربعاء والخميس والسبت ولم أبرح المنزل يوم الجمعة كعادتي، ولم أبرحه يوم الأحد إلا لأذهب إلى دار الإذاعة وأعود منها بالسيارة.
ثم صادفني يوماً فاولته نصيبه اليومي المعلوم، فقبض يده محتجاً وقال:
- يا أستاذ.. إنت عليك ستة أيام وهذا شهر رجب الحرام وكانت مفاجأة مضحكة للعابس الظريف الذي جابها من قصيرها وأخرج المبلغ المطلوب مع الفوائد وسأله مداعباً.
- ترى هل تحل الفائدة في شرعك على الأيام الحرام؟
ويرد المتسول رداً في منتهى البلاغة على عملاق الأدب العربي قائلاً:
- يمحق الله الربى ويربي الصدقات
وكاد العقاد أن يموت من الضحك ويروح في صدقه ولكن الله لطف.
الزمن والزمان:
في إحدى جلسات المجمع اللغوي وكان الأعضاء يناقشون الفرق بين الزمن والأبدية قال العقاد: إن الزمن ضد الأبدية لأن الزمن محدود والأبدية غير محدودة.
بينما قال الدكتور منصور فهمي: إن الزمن هو الوقت المحدود أما الزمان فهو الوقت غير المحدود.
فرد العقاد:
- قل لي يا دكتور إن كان الزمن هو الوقت المحدود والزمان هو الوقت غير المحدود فكم تقترح أن نمد حرف الألف الذي يفرق بين الزمن والزمان.
إلحقونا:
من نكته السياسية يروي العقاد أن الاتحاد السوفيتي السابق أحضر مجموعة من الفلاحين ليقول كل منهم كلمة واحدة أمام ميكروفون الإذاعة فوقف أحدهم أمام الميكروفون وصرخ:
- إلحقونا
حتى لا يراك أحد
حكى العقاد أنه كان يوماً في القدس هو والمازني وأحد أفراد أسرة النشاشيي فأطلق عليهم مجهول الرصاص فانبطح العقاد أرضاً بينما أطلق النشاشيي ساقيه للريح وبقي المازني مكانه في شبه هزة أرضية جعلته لا يقدر على الحركة من مكانه فانفجر العقاد في الضحك رغم طلقات الرصاص وبعد هدأ الجو سأله العقاد عن السبب في عدم جريه فقال:
- أنا خفت أجرى .. الراجل يشوفني
فرد العقاد مداعباً:
- عندك حق يا عبده - خير ما فعلت علشان إنت لما بتكون واقف ما حدش بيشوفك (نظراً لقصر قامته).
جـاسمن- المساهمات : 98
تاريخ التسجيل : 05/03/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى