جـاسمن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رد قلبــــــــــــــــــــــــــــي

اذهب الى الأسفل

رد قلبــــــــــــــــــــــــــــي Empty رد قلبــــــــــــــــــــــــــــي

مُساهمة  روعة الجمعة أبريل 25, 2008 10:22 am

كان جالسا في استرخاء في أحد منتجعات شرم الشيخ حينما حمل إليه نادل الفندق رسالة مغلقة، بالطبع شعر بدهشة غامرة لأنه لا يعرف أحدا هنا، وبالطبع تساءل عن مصدرها، فأشار النادل في خبث إلى سيدة بدينة كأفراس البحر ترتدي نظارة سوداء على سبيل الغموض.
ولم يكن أمامه إلا أن يبتلع دهشته ويفض الرسالة ويقرأ:
حبيبي أحمد.

أخيرا وجدتك، وأخيرا تقرأ رسالتي الورقية بعد آلاف الرسائل الروحية طيلة أعوام الفراق الطويلة التي لم يساورني ريب أنها تلمس روحك النبيلة السامية.

منى تكتب لك الآن يا أحمد فهل تصدق هذا؟ منى التي أحبتك قبل أن تعرف أن اسمها منى وأن اسمك أحمد، وأنك جار في ذات المنزل.. كنا طفلين يتعلمان المشي معا فيتعثران ويسقط أحدهما على الآخر، هل تصدق أننا على بعد خطوات؟ مجرد خطوات كلفتنا عشرين سنة كاملة من الفراق، يمكننا أن نقطعها الآن في عشرين ثانية.

أي ذكريات تعبر ذهني في هذه اللحظة؟!

لحظات اللهو المشتركة والألعاب الطفولية والمغامرات الوهمية؟ أم الشكوى من صعوبة هجاء كلمو "ظريف" في الصف الأول الابتدائي؟ ذهابنا سويا إلى مدرسة الإمبابي بالهندام الأنيق والعودة بثياب ممزقة متسخة؟ أم أتذكر شجرة النبق العجوز -شجرتنا- وكيف حفرت اسمينا عليها بالبرجل(فرجار)؟ أم تلك "العلقة" المروعة من أستاذ اللغة العربية؟

أي فيضان من الذكريات..! تلك اللحظة التي تضرجت وجنتي خجلا إذ تلامست أيدينا عفوا؟ وكيف أدركت أنني لم أعد الطفلة منى، بل صرت منى العاشقة؟ أم تلك الغيرة الحمقاء التي عصفت بي إذ رأيتك ترمق سوسن بإعجاب؟ وكيف خاصمتك؟ وكيف عفوت عنك قبل أن تعتذر لي؟ ثم تلك المشكلة الكبيرة مع جارتنا أم بلبل.. تذكر طبعا حكاية نبيل وحمدي.. وكيف ضربتهما علقة وأثبت لي رجولتك وأنت مجرد طالب في المدرسة الثانوية.

كل شيء كان يشير إلى المستقبل الجميل الذي ينتظرنا، ولم يكن هناك ما يدل على النذير الغامض المشئوم حين قرر أبي أن يصطحب أسرته إلى إحدى الدول الشقيقة؛ لكي يصنع مستقبلا أفضل لأولاده دون أن يفطن أنه يمزق قلب ابنته تمزيقا.

أي شيء بوسع فتاة السابعة عشرة غير البكاء؟ وهل يجدي البكاء؟!
أذكر الأيام التي سبقت رحيلي كأنها لحظة سوداء طويلة، وعبثا ما حاولت إقناع نفسي أنه مجرد عام سوف ينقضي سريعا ويعود وجهك الحبيب، أبدأ به أجمل صباح، لكنني وقد تجرعت فجيعة الفراق لم أكن أتصور أن صباحا سوف يلي هذا الليل الطويل.
مر العام مثل قطيع هائل من الخراف السوداء يركض في أرجاء روحي، وعدت إلى الوطن لأجد الخبر المشئوم في انتظاري، لقد رحلت أسرتك هي الأخرى إلى حيث لا أدري.

روعة

المساهمات : 48
تاريخ التسجيل : 10/03/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى