جـاسمن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حبيبى أسمه أحمد

اذهب الى الأسفل

حبيبى أسمه أحمد Empty حبيبى أسمه أحمد

مُساهمة  روعة الجمعة أبريل 25, 2008 10:12 am

في حياتي رجل أسمر.. ساهماً يزرع الغيم في عينه..
لم أتخيل أن هذا الأسمر ذو العينين الواسعتين.. الذي يخجل حينما أتشارك معه كوب القهوة.. وسرقة جريدته التي يحب قراءتها كرجل كبير في العمر.. يجلس في منتصف أغنيتي الوحيدة التي بدأت اكرر سماعها دون توقف.. كانت المطربة الشقراء تقول فيها.. "قلبي قطعة ثلج.. الآن أصبح طاقة من الحرية".. وكلما رددت المطربة النحيلة الكلمات وهي تصرخ بها.. يخرج عزيز من كنزتي، ومن كوب قهوتي، ومن طريق البحري إلى البيت.. يخرج من كلمات أبنة أختي الصغيرة.. من رائحة البحر، ويوم الأحد..حيث تجتمع كل الأشياء دفعة واحدة لتحاصرني بكل الوسائل الممكنة.. إلى المآء حيث أشرب.. إلى المكتبة حيث أقرأ.. إلى سريري حيث أتلوع.. إلى أحمــــد حيث يتحول إلى سمكة يبعث لي رسائله من حديقة الماء..

أحمد.. يعرف أني أحبه.. ولا أعرف كيف علم بذلك السر البعيد..؟!

ربما لأني حينما اراه ينتظر خروجي من الجامعة، ويأتي بسيارته البيضاء، يرتب كتبي وينفض عباءتي من غبار الطريق، فأكاد ألثم يديه من فرط حبي له، لكني لم أكن وقتها أتكلم.. نذهب سوياً إلى معرض الصور، أثرثر طيلة الوقت، وأحمد لا يتحدث، وكلما ألتفت إليه وجدته يبتسم، فأرمي برأسي على صدره، وأغمض عيني، وأغادر المكان والصور..



يعرف أحمد أني أحبه.. وإن أسماكه لا تزال تعبأ روحي من الساحل إلى الساحل.. وأنا لا اريده أن يعرف ذلك.. لأني أريد أن احبه دون أن يعلم.. أريد أن أتلوع أكثر.. أنهض بنسيج روحي لسماوات امي .. ولقلب جاري الصغير..

يعرف أحمد أني أحبه.. حينما سافرت ظللت أبكيه.. وأفكر بقمصانه البيضاء تلك التي لا تتغير هويتها.. أفكر بأطراف اصابعه.. وبشعره الذي بدأ يطول.. وبدأت اتابع شعره.. وأقيسه بعيني..



لماذا يعرف الذين يدخلون حياتنا.. بسرعة أننا نفرط في التغزل بهم.. وأن حياتنا يبدأ نسجيها من قدميهم.. وأنا أحب أحمد.. وأحب قدمية ايضاً.. لكني لا أريده أن يعرف ذلك.. !



أحب أحمـــــــــــد..

وحينما أحب.. يكون لدي أيضاً أستعداد للتخلي سريعاً عن هذا الحب.. لماذا يعتقد الآخرون أننا حينما نستلقي على الكرسي.. ونقرأ شعراً رومانتيكياً.. يصبح قلبنا وردة.. ونصاب بالضعف والخيبة.. لكني أشعر بالقوة.. وإني في لحظة يمكنني أن آخذ البحر في صحني.. وآتي به إلى بيتي.. إلى غرفتي تحديداً..


لا يعرف أحمد انني أدون سيرة حياتنا في كتاب جديد.. اكتب فيه أحلامه التي لا يخبرني بها.. قلبه الذي بدأ يكبر.. حتى إنني أكاد أن أراه قبل أن أرى نظارته الطبية التي تخفي عينيه الواسعتين.. وحينما أكتب عنه.. أكتشف كم يبدو شهياً هذا الرجل الصغير.. وكم يبدو حلماً بالنسبة لي.. صوته الذي يكبر كل يوم.. وأكبر أنا معه.. الأغاني التي يزرعها كأصدقاء مثاليين في أصابع كفي.. فيخلق من روحي قمراً أخضر.. أنه لا يعرف وأنا أدون يومياتي.. أشتهيه أكثر.. وأحبه بصخب مجنون..وأكتشف كم هو رجل ينسج من ضوء النهار.. قصصي القادمة.. يحمل عني فوضويتي اللامعقولة.. يحمل مظلتي.. حيث لا يسقط المطر كثيراً في مدينتي.. يعيد ترتيب إطار صورتي.. ويستذكر نصوصي التي يصنعها دون أن يعلم!
أنتقلت لعمل جديد.. منذ أربعة أشهر..وأنتقل أحمد معي.. إذ كان هوائي صاحب عيون البرتقال.. تحولت حياتي بشكل لم أكن مهيأة له.. وكنت أعود إلى البيت.. أنكفأ على جاهليتي.. ونوق والدي ذات الثلاثة الآف عام.. أبحث فيها عن مخرج ظاهر.. أفرط في البكاء.. وتقيأ عسل نهارات أمي المالحة.. وكان هو دائم الحضور.. يدعمني بثقة الرجال الكبار.. يقلع الصخر أمام قدمي.. يصفف شعري الطويل..يبلله بروح فتى بدوي يتعلم حرفة الشعر من فم جده.. ويعيد تصفيفه مرة أخرى.. وجدت نفسي أنكسر مرة ومرتين بلا توقف.. وكان هو محط قبيلتي.. الخيمة التي يدعوني إليها.. يسكب لي القهوة المُرة.. ونشرب سوياً الشاي مساءً.. ويذبح كالطائي خيله لأطعامي.. كنت ابكي بلا توقف.. امرأة جائعة إلى الخيمة.. إلى الأطفال.. إلى الليالي وهي تمطرني عبر ثقوب البنفسج.. عاتبتني أبنة عمي صافي على مرارة بكائي ونحيبي المتواصل.... وأخبرتني إن عزيز سيغادرني سريعاً لو ظللت ابكي خذلاني لنفسي في عملي الجديد.. ولم تعرف هذه الصديقة أنني بكيت في تلك الليلة ما لم ابكيه طيلة حياتي الماضية.. بكيت حتى أنشق قلبي.. كذراع خالد الطوبلي بطل ذاكرة الجسد.. لم اتصور ان يغادرني عزيز يوماً.. وبدأت كلما سمعت صوته ابكي دون أن يعلم.. كيف أخبره بالشوكة العالقة في قلبي.. كيف أخبره إن جدتي تركت لي أرثاً كالأساطير لا ينسى من اللحن الحزين.. وإن صافي تهدد بكائي.. وتفتح في ضمادات سرب حياتي القادمة جروحاً أخاف مواجهتها.. أحب أحمداً أكثر من العيون التي خلقها الله.. وأبكيه كل حين .. كيف لي أشرح له.. انني لم اكن يوماً إلا حينما كان هذا الأسمرالوسيم في حياتي..!!

روعة

المساهمات : 48
تاريخ التسجيل : 10/03/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى